وسط الأحداث المتلاحقة بالمنطقة العربية سألت عن السيادة العربية فلم أجدها، فتواصلت معها هاتفياً، فرد "الأنسر ماشين" صاحب ذلك الهاتف غير متاح حالياً، يمكنك ترك رسالة.
رسالتي: هي أن الأحداث التي تشهدها لبنان وسوريا والسودان وليبيا واليمن وفلسطين تؤكد أن "الحاجة سيادة" غير متاحة، وهي متاحة على حذر بباقي الدول لعل المانع خير.. هل حضرتك يا حاجة تدبرين أمورك أم تاركة الأمر لله فهو الحسيب والرقيب؟
في لبنان يمارس الاحتلال الإسرائيلي استباحة السيادة اللبنانية منذ تطبيق وقف إطلاق النار مع حزب الله، والذي يطبقه الحزب فقط، الاتفاق الذي دخل حيز التطبيق منذ الرابعة صباح الأربعاء 27 نوفمبر 2024، نص على هدنة مدتها 60 يوماً بعد 13 شهراً من المواجهات بين الحزب والاحتلال، وانسحاب مقاتلي الحزب لمسافة 40 كيلو متر من الحدود اللبنانية الإسرائيلية "الفلسطينية المحتلة"، في حين تنسحب القوات البرية الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية التي لم تتجاوز مئات الأمتار.
التزم الحزب ولم يلتزم الاحتلال الذي تشير أرقامه أنه خسر منذ أكتوبر 2023، 47 مدنيا و31 من قوات الأمن، كما قُتل 46 جنديا إسرائيليًا آخرين في لبنان.. وحتى كتابة هذه السطور يواصل الاحتلال قصف المدن الجنوبية، واستهداف قيادات بالحزب، وقام بالتوغل في قرابة 60 قرية حدودية، واحتل 7 تلال رافضا الخروج منها.
العجيب أن القوى السياسية اللبنانية والدول الإقليمية التي نددت بالحزب ودخوله على خط المواجهة لمساندة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، لم نسمع لها صوتاً، بينما يقوم الرئيس اللبناني جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام اللذين وصلا لمناصبهما بدعم أمريكي وفرنسي وسعودي وإماراتي، في صفقة تقضي بالقضاء على حزب الله مقابل إعادة إعمار ما دمره الاحتلال وضخ أموال لدعم الاقتصاد اللبناني القتيل.. بالطواف حول كعبة الإليزيه والبيت الأبيض والجوهرة وقصر الوطن، متوسلة بأن تنسحب إسرائيل من المرتفعات والأراضي اللبنانية ليس احتراما للسيادة فقط، ولكن لرفع الحرج عنهما أمام الحزب والبيئة المؤيدة للمقاومة، في حين ذهبت القوى السياسية المعادية للمقاومة في سبات عظيم مهللة لما تصفه بانكسار حزب الله.
بجوار السيادة اللبنانية تعاني الأخت السورية، التي تم تسليمها لمنظمة إرهابية وهي "حركة تحرير الشام" جبهة النصرة سابقاً.. بدعم من مثلث الخطر العربي (الإمارات وقطر والسعودية) وتركيا تحت قيادة الخليفة العثمالي الراقص على دماء العرب بأجندة صهيونية، والتي استباحت الأراضي السورية لكونها أرض فضاء في خلفية مقر الخلافة، فضلا عن المباركة الأمريكية الإسرائيلية.
سوريا تعاني من اغتصابها يومياً، منظمات إرهابية تقتل الشعب طائفياً، وتركيا استولت على أراضي ومناطق بمساحة تقدر بحوالي 8835 كيلو متر مربع، تضم عفرين، تل أبيض، رأس العين، الباب، أعزاز، دابق، جرابلس، جنديرس، راجو، وشيخ الحديد.. فيما تواصل إسرائيل استباحة الجنوب، بعد تدميرها للقدرات العسكرية والجيش الذي سرحه الجولاني المبارك من مثلث الخطر العربي والعثمالي.. وقد وصل إجمالي ما احتلته إسرائيل إلى 6500 كيلو متر مربع، علماً بأن مساحة سوريا 185180 كيلو متر.. وقد ذكرت صحيفة هآرتس، أنه تم تكليف الجيش بإنشاء منطقة أمنية داخل الأراضي السورية تمتد من دمشق إلى السويداء عبر الطريق 110، وستغطي مساحة تقريبية تبلغ 6500 كيلومتر مربع. ولن يسمح لسوريا ببناء مواقع عسكرية داخل المنطقة. وتستعد القوات الإسرائيلية لبناء منشآت عسكرية إضافية داخل سوريا، لتوسيع سيطرتها الإقليمية الحالية، ولن يُسمح لنظام الجولاني بإدخال أسلحة بعيدة المدى أو أنظمة متطورة او حتى التفكير بذلك.
كما تواصل القوات الأمريكية بين الحين والأخر تنفيذ عمليات ضد تنظيم داعش المتمركز بالشمال الشرقي لسوريا على الحدود العراقية، وبات الوضع السوري إسرائيل تحتل جنوبه، وتركيا شماله الغربي وشماله الشرقي لأمريكا، وزعيم حركة تحرير الشام أبو محمد الجولاني سابقا والمعروف إعلامياً بأحمد الشرع، يقول إنه لم يأت لمحاربة إسرائيل وعداء تركيا، وتتفرغ جماعاته حالياً لتصفية مذهبية نظراً لخطورتها على أمن سوريا!!
وفي سوريا الكبرى أو بلاد الشام سابقاً، يعيش ضلعها الثالث فلسطين وضعا، لا يوجد له وصف، فالمقاومة تقاوم الاحتلال ومحاولة تصفيتها من قبل السلطة المنبطحة ودول الإبراهيمية، محمود عباس رئيس السلطة مقتنع منذ اليوم الأول لتولي السلطة بأن المفاوضات توصل لحل الدولتين، والمقاومة ترى أن المفاوضات والكفاح المسلح هما طريق واحد يوصل لقيام الدولة الفلسطينية، عباس يقوم بدور الشرطي الإسرائيلي بالضفة يعتقل ويقتل أبناء المقاومة تحت عنوان الخارجين عن القانون، ويسعى لضمان الجلوس على قمة السلطة وهو ما وضح في قمة القاهرة الطارئة من أجل غزة في الرابع من مارس 2025، عندما طبق ما تريده عاصمة الإبراهيمية وعرابتها الإمارات، بإصداره عفواً عن المفصولين من حركة فتح وفي مقدمتهم محمد دحلان وسليم القدوة وفياض سلام وهي شخصيات ترغب أبو ظبي في توليهم سلطة البلاد المحتلة، أبو مازن " محمود عباس" لم يعترض على البند الخاص بدعوة مجلس الأمن إلى نشر قوات دولية لحفظ السلام لتحقيق الأمن للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة، على أن يكون ذلك في سياق تعزيز الأفق السياسي لتجسيد الدولة الفلسطينية، وذلك البند الذي تدبر له الإمارات بالتعاون مع واشنطن وتل أبيب منذ العام الماضي، وترفضه الفصائل الفلسطينية ومصر التي يبدو أنها مررت البند مقابل تمرير خطتها على أمل تعجيز تطبيق نشر القوات مستقبلاً.
من سوريا ولبنان وفلسطين المحتلة إلى اليمن وليبيا والسودان والعراق يا سيادة لا تحزني، مثلث الخطر العربي والخليفة العثمالي الراقص على دماء العرب وأمريكا وإسرائيل يلعبون دوراً حاسماً ورئيسياً في تأجيج الوضع الهادم للسيادة..
لقد بات العرب مجموعة من التابعين، ولاه لدي الصهيونية، قواعد عسكرية أمريكية بإرادتهم في الكويت والإمارات وقطر والسعودية، والأردن التي تحتضن قاعدة بريطانية أيضاً، والعراق وسوريا بفضل استقدام مثلث الخطر لأبناء العم سام لتدميرهما، ودول تسعى للحفاظ على سيادتها وتدعو في صلواتها بالكنائس والمساجد اللهم أحفظ أوطاننا واحميها، واحمي وحدتها من خطر المثلث والخليفة الراقص على دماء العرب، ولكن هناك دعوة ندعوها نحن اللهم أقطع أواصل الود بين ولاتنا وحكام مثلث الخطر. قولوا آمين.
------------------------
بقلم: محمد الضبع